الحياة

اخبار , صور , طرائف

و أخيرا ترجل الفارس خطاب

و أخيرا ترجل الفارس خطاب  
مفكرة الإسلام :المتتبع لسيرة خطاب سواء من خلال أحاديثه على الأشرطة أو تصريحاته الصحفية يعرف يقيناً أن هذا الرجل متشبع بالفكر السياسي الذكي ، واستطاع من خلال هذا الشيء أن يحفظ الجهاد الشيشاني ، بل وأن يقدم له الانتصارات العسكرية المهمة ، ونستطيع في هذه العجالة ذكر نقاط حساسة جداً تعامل معها رحمه الله بالعقل الواعي والفهم السليم والفكر الحاذق :
كان يرفض رحمه الله فكرة تدويل القضية الشيشانية ، لأنه يعلم أن الغرب الكافر لن يأتي إلا بِشَر ، حيث أخذ دروساً مهمة من الجهاد في البوسنة وكيف أن ثمرة الجهاد دمرت من خلال اتفاق دايتون الأمريكي الظالم ؛ وإن كان أحياناً ينادي المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الشعب الشيشاني ، وكان يقول هذا من باب المناورة السياسية فقط .
محاربة أي تدخل للأمم المتحدة في شئون هذه الجمهورية خاصة وأنه يعلم أن هذه المنظمة أداة مطيعة في يد أمريكا ، والتي لا يشك أي مسلم في بغضها وكرهها للإسلام وأهله ، وهذا لا يمنع من تصريحات يصدرها أحياناً يعيب فيه هذه المنظمة لتخاذلها عن نصرة شعب الشيشان ، وكل هذا كما قلنا يريد به مناورة فقط ، وكذلك يريد أن يعري حقيقة هذه المنظمة أمام الشعوب المسلمة ، وكيف أن لها وجهين وجه العطف والمحبة مع الكفار ووجه البغض والمحاربة ضد المسلمين .
كان لا يستعدي الدول الإسلامية ضده ، وهذه من أهم الأشياء التي حافظ بها خطاب على بقاء جهاده ، فهو لم يسب حاكماً مسلماً بعينه في أي تصريح من تصريحاته ، وهذا الذي جعل الحكومات المسلمة لا تحاول ملاحقة أتباعه ملاحقة دقيقة . نعم قد يحصل تحقيق وسجن ولكن كانت هذه الحالات قليلة إذا ما قورنت بما حصل في حرب أفغانستان القريبة ، وكانت بعض الدول العربية قد تغض الطرف أحياناً عن مسألة جمع التبرعات لذلك الشعب والتي بدورها تصب في ميزانية جهاده .
استطاع ضبط رفاقه بعدم التعدي على الدول الإسلامية وغير الإسلامية غير المعنية بالنزاع ، فلم يعهد عن أحد من أتباعه أن قام بعمل في أي دولة مسلمة بل ولا حتى الدول الكافرة ، ولهذا لما طالبت روسيا من بعض البلدان العربية بمحاربة الإرهاب بدعوى أنه هو أساس الحرب الشيشانية لم تستجب لها ولا دولة ، وكان موقف هذه الدول التهكم بذلك الطلب علانية ، وبهذه الطريقة نجح خطاب بدرجة عالية من التخطيط أن يحصر عداوته مع الروس فصار العدو واحداً فقط ، وهذا هوَّن عليه المهمة الجهادية .
جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين مع أنه أكثر شخص مؤهل لها ، والسبب في ذلك أن الشعب الشيشاني عرف بحميته لأرضه وعرقه ، فخشي أن يكون ذلك مدخلاً لخلخلة الجهاد من خلال العملاء والخونة الذين يجيدون هذا النوع من المكر ، وكذلك كان هناك الصوفية يحاولون نزع الإجماع الشعبي من حوله بالتذكير بأصله غير الشيشاني ، وقد دخل تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق ، وأعجب خطاب به لخفة نفسه وحسن تعامله ، وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً : ما هو هدفكم من الجهاد ياجوهر دوداييف ؟ فقال القائد الشيشاني : كل طفل من القوقاز هُجِّر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه.
وسّع محيط الجهاد من خلال وضع مجلس واحد لداغستان والشيشان ، وهو يريد بذلك توسيع محيط الرقعة الجهادية لأن الشيشان بلد صغير جداً ، كذلك استطاع بهذه الطريقة أن يحرك عدداً هائلاً من الداغستانيين للجهاد ، فتشتت جهود روسيا من خلال توجيه الضربات الخطافية من عدة بلدان بدلاً من بلد واحد ، واستطاع بهذه الطريقة تخفيف الضغط العسكري عليه وعلى مجاهديه .
أحيا حب الجهاد والاستقلال في نفوس الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى من سيطرة الحكومات الشيوعية العميلة ، ولهذا صارت مَعَاهده روضة طيبة يُستقبل من خلالها طلاب ومجاهدو التتر والداغستانيين والطاجيك والأوزبك وغيرهم من شعوب القرم ، فصارت نبتة طيبة تنمو في الجمهوريات الإسلامية .
كان يكره الالتحام مع المخالفين ممن ينتسبون إلى الإسلام حتى لا يُنْشَغل بالمسلمين عن عدوهم المشترك ، فيمنع التعرض للجماعات السنية بأي سوء حتى لا يحصل التشرذم والتفرق ، ولهذا كان إذا سمع أحداً يخوض في هذا يقول له : عجباً لبعض الناس سلم منه الملاحدة والنصارى ولم يسلم منه إخوته المسلمون ، وعندما كان في طاجكستان حاول القائد الطاجيكي العسكري رضوان التحرش به والإساءة إليه ، ورغم طلب الأخوة من خطاب أن يرد عليه إلا أنه رحمه الله طلب منهم أن لا يشغلهم هذا القائد الحاسد عن قتال الشيوعيين ؛ حتى أنه عندما جاء إلى الشيشان كان 60% من طلابه ومجاهديه صوفية ، ثم لبث معهم فترة حتى صحح معتقدهم رغبة منهم واقتناعاً.



 فكر ودعوة خطاب رحمه الله

مفكرة الإسلام :كان رحمه الله سلفي العقيدة والمنهج ، ويصرح بذلك في أشرطته الخاصة وجلساته العامة ؛ ولكنه لم يكن متعصباً أبداً لمجموعته ، فكتب الله له قبولاً لدى كل الاتجاهات الإسلامية بلا استثناء ، و ينصح أهلها ، ويقبل نصيحتهم ، وله علاقة قوية بشيوخ المجاهدين من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين والشيخ حمود العقلا رحمهم الله جميعاً وكان يستشيرهم في قضايا الجهاد والعلم والدعوة ، ولهذا لم يعهد على مجموعته الجهادية في الشيشان بدع أو انحرافات أو خرافات ، ولقد طارت عقول الصوفية منه وخشوا على مناصبهم أن تطير فتعاونوا مع الروس الغزاة لمنع فكره من الانتشار خاصة وأن الناس بدءوا يتأثرون به بقوة .
ورأى أن الشيشان بلد خصبة للدعوة ، فعمل محاضن دعوية لتكوين مجموعات دعوية جهادية على الخط الصحيح ، فأنشأ " معهد القوقاز لإعداد الدعاة " حيث يلزم كل شخص بالانضمام إليه قبل قبوله في الجهاد فيخضع لدورة علمية مكثفة تقارب الشهرين ، ثم ما لبث أن تكاثر الناس عليه يريدون العلم و الجهاد حتى وصل عددهم إلى 400 طالب جاءوا من التتر وداغستان وطاجكستان وأوزبكستان والأنجوش وغيرها ، وهذا هو الذي أفزع روسيا ، ثم تطور العمل فأنشأ رحمه الله داراً لتحفيظ القرآن ، ووضع برنامجاً لإعداد الدعاة ، وبرنامجاً آخر لإقامة محاضرات في القرى ، ودورة للتعليم الأساسي ، ودورة لرفع مستوى الدعاة ، وكما قال رحمه الله : رأينا أثر هذا العمل على مجاهدين في تضحياتهم وبذلهم .
وبهذه صار الجهاد في الشيشان مضرب الأمثال فلا نزاع ولا تفرق ولا تشرذم . كلهم على قلب رجل واحد ، وجعلوا لهم مفتياً لا يتجاوزونه أبداً وهو الشيخ أبو عمر السيف الخالدي من منطقة الدمام بشرق السعودية حفظه الله ، وهذا أبو عمر ليس قحطانياً كما زعم البعض من أجل مآرب أخرى.

 

التدرج في دعوته للناس 

مفكرة الإسلام :قاتل في أفغانستان ، ولم نسمع أنه تقاتل مع أحد الأفغان لخلاف عقدي رغم انتشار التصوف فيه ، ثم قاتل في طاجكستان تحت قيادة عبد الله نوري ؛ ورغم سيادة التصوف هناك إلا أن الناس تعلقوا بخطاب حتى دبَّ الحسد في قلوب بعض المنافقين كالقائد رضوان والذي وصفه خطاب بأنه " أمير حرب خبيث " ، وعندما وصل للشيشان دعاهم للصلاة والزكاة وقراءة القرآن ، ولم يدعهم إلى أي مسألة عقدية ، فلما تمكن هناك وصار حبه في قلوب الناس كلهم أنشأ المعاهد العلمية التي تعلم العقيدة الصحيحة .
وكان يحذر أصحابه من الخوض فيما يثير الناس في بداية جهاده في كل منطقة ، فإذا رأى من الناس إقبالاً على الخير دعاهم بعد ذلك إلى العقيدة السلفية ، ولهذا منع أصحابه من الذهاب إلى الأسواق ، والدخول للمدن والقرى لأن التصوف قوي في تلك البلاد ، فخاف أن يقوم مشايخ الصوفية بإثارة الناس عليهم ، فكان هناك من يقوم بالذهاب إلى السوق كل يومين ليقضي حاجات المجاهدين ، بل إنه لم يذهب في حياته كما قال إلى جروزني إلا مرة واحدة ، وبعد إصرار من القادة الشيشانيين لحضور حفل تكريم له .
ورغم محاولة مشايخ الصوفية استثارته إلا أنهم فشلوا ، فوصفوه بأنه وهابي أكفر من اليهود والنصارى ، وزعموا أن جهاده أيام دوداييف باطل لأن حرب دوداييف حرب وطنية فقط .
وقد حارب تحت راية جوهر دوداييف الرئيس الشيشاني السابق ؛ ولكن كان له برنامج خاص لمجموعته ، واعترض عليه في بداية جهاده في الشيشان بعض الدعاة ، فقالوا : كيف تقاتل مع صوفية وحلولية ، فكان يحدِّث أصحابه أن هؤلاء حديثي عهد بكفر وإلحاد ؛ فلا تعجلوا ، واستطاع أن يقنعهم كعادته في أسلوب الإقناع وهو الذي قال فيه أحد زملائه : لو قال خطاب عن كأس اللبن إنه ماء لصدقته ، وهذه من نعمة الله عليه

0 comments:

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية

About this blog

Blog Archive

flag counter

free counters

feeds