الحياة

اخبار , صور , طرائف

الرقصة النووية لكوريا الشمالية





الرقصة النووية لكوريا الشمالية

بول رينولدز محرر الشؤون الدولية- موقع بي بي سي الأخبار 



 
تعتبر أنشطة كوريا الشمالية تجديا للمجتمع الدولي


في تحد لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1718 الذي صودق عليه بعد أول تجربة نووية قامت بها كوريا الشمالية عام 2006، أعلنت سلطات بيونج يانج عن الثانية. بل أضافت أنها تمكنت من إيجاد حلول لبعض ما اعترضها من مشاكل أثناء التجربة الأولى. 

حقيقة هذا الإنجاز التقني لا تزال موضع بحث وتدقيق. لكن الاختبار في حد ذاته علامة على استعداء تجهل وجهته. 

وجاءت التجربة أيضا في أعقاب محاولة كوريا الشمالية وضع قمر صناعي في مداره حول الأرض، وهي التجربة التي يشتبه البعض في أن تكون غطاء لاختبار صاروخ بعيد المدى، في ما يعد تحديا آخر للقرار الدولي. 

كما أعلنت بيونج يانج انسحابها من المحادثات السداسية التي كانت الإطار لمفاوضات، وقالت كذلك إنه ستستأنف نشاطها المجمد جزئيا في مفاعل يونج بيونج. 

حدث كل هذا بعد التفاؤل الذي أثارته كوريا الشمالية في سبتمبر/ أيلول 2005 عندما أعلنت موافقتها على التخلي عن برنامجها النووي نظير معونات وضمانات أمنية. 

وقد عرض ستيفن بوزوورث مبعوث الرئيس الأمريكي إلى كوريا الشمالية الشروع في مفاوضات دون جدوى في الوقت الراهن. 

ويبدو أن مزيدا من العقوبات هو الخيار المحتمل الآن، وأن الرئيس أوباما بدأ خوض سباق للحواجز شبيه بذاك الذي اعترض سلفه. 

اختبار 

كوريا الشمالية نموذج للمآزق التي يتسبب فيها بلد يتوقع أن تكون تصرفاته غير متوقعة. 

وقاعدة التعامل مع مثل هذه الدول هي أنها ليست هناك قاعدة. 

ولكن المسألة الأساسية هي ما هو مدى قوة كوريا الشمالية. 

في العام 2002 كان من السهل الضغط على ليبيا حتى أقرت بتطويرها برنامجا نوويا ثم قررت التخلي عنه، لأنها كانت خائرة القوى ومعرضة. 

 
ثمة تخوف مما قد يحدث إذا ما انهار النظام في كوريا الشمالية


لكن كوريا الشمالية لها جيش تعداده مليون جندي، وأكثر من 4 آلاف دبابة وحوالي 18 ألف قطعة مدفعية، حسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. 

هذه القوات توجد على مسافة قصيرة من عاصمة كوريا الجنوبية سيول، لكن اجتياحا على الطريقة العراقية غير ممكن. 

لهذا فإن الخيارات محدودة. 

الحرب والدبلوماسية 

اتخذت كل السبل للتعامل مع كوريا الشمالية. 

في البداية، استخدمت القوة العسكرية. في العام 1950، بعد أن شنت كوريا الشمالية حملة اجتياح في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران -تحت قيادة والد كيم جونج إيل، كيم إيل سونج- أذن مجلس الأمن الدولي بشن عملية عسكرية ردا على الحملة، وذلك في غياب الاتحاد السوفياتي، الذي كان يقاطع المجلس آنذاك. 

وعرفت الحرب مدا وجزرا قبل أن تنتهي في يوليو/ تموز 1953، لتظل الأمور على حالها، وكوريا مقسمة. 

وبعد هذه المحاولة، نهج العالم سياسة العزل. لكن كوريا الشمالية تمكنت من تجاوز المحنة بمساعدة الاتحاد السوفياتي والصين التي جنبت قواتها بيونج يانج الهزيمة في الحرب. 

واتخذت المعضلة وجهة أخرى عام 1994 عندما أدخلت الدبلوماسية إلى الساحة. ومنذ ذلك الحين وهي الوسيلة الوحيدة السمتخدمة. 

وقد انحصر اهتمام الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون على خيارين دبلوماسيين. الأول هو إقناع جيران كوريا الشمالية بتشديد الحصار عليها وبمزيد من العقوبات. أما الخيار الثاني فتمثل في تحفيزها على خوض مفاوضات. 

ومال كلينتون إلى الخيار الثاني فبعث إلى كوريا الشمالية سلفه جيمي كارتر الذي كان يؤمن كذلك بالحوار. 

وأثمرت زيارة كارتر لكوريا الشمالية "إطارا متفقا عليه" تجمد بيونج يانج بموجبه برنامجها نظير إمدادها بما تحتاجه من وقود. 
 
أكدت كوريا الشمالية أن العملية إطلاق لقمر صناعي


بموازاة مع ذلك ما خلصت إليه هذه الزيارة أيضا هي الصعوبة القصوى التي اعترضت سبيل هذا الاطار. 

ولقد انهار بعد أن تأخرت إمدادات الوقود، مما أدى إلى قيام نمط سلوك بدأت تنهجه كوريا الشمالية هو التعهد ثم النكوص إذا ما لمست أدنى تذبذب لدى الطرف الآخر. 

مقاربة بوش 

وتدريجيا أخذت الدبلوماسية منحى أشد حدة، وعندما تولى الرئيس بوش الإبن الرئاسة، تشعبت الأمور بعد أن أُعلنت كوريا الشمالية طرفا في "محور الشر". 

كانت العقوبات، أخت الدبلوماسية الأكثر صرامة وحزما، السلاح الذي استخدمه فريق بوش. 

ولكن حتى هذا كان مصيره الإخفاق. فقد أعلنت كوريا الشمالية عام 2006 عن إجراء تجربة على سلاح نووي. كما مضت قدما في مشروعها للصواريخ الباليستية على الرغم من اعتراض مجلس الأمن الدولي. 

لهذا عادت إدارة بوش إلى المفاوضات، بمساعدة أقرب أصدقاء كوريا الشمالية الصين. 

في العام 2007 تعهدت بيونج يانج بإنهاء نشاطها النووي، فبادرت الولايات المتحدة إلى شطب اسمها من لائحتها بـ"الدول الداعمة للأرهاب". 

لا يزال هناك أشخاص -على شاكلة مندوب الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة بول بولتون- يعتقدون أن كل محاولة للتفاوض مع كوريا هي تهدئة مصيرها الفشل. 

ولقد انهارت في كل الأحوال. 

هذا لا يعني استحالة العودة إلى المفاوضات. فالنمط عودنا على تراجع كوريا الشمالية بعد أن تبلغ الرسالة. 

ويبقى الأمل طويل المدى هو انهيار النظام. فهذا ما انهى الحرب الباردة. 

الردع والاحتواء والانفراج كلها محاولات أدت دورها. والسؤال هو متى سيتأكد أن النظام لم يعد قادرا على التحمل؟ 

لقد أعطت الصين مثالا على إمكانية وجود خيار آخر. فالتغيير هناك كان هو الصيغة وليس الانهيار. 

ولكن المثير للقلق هو أن انهيار كوريا الشمالية أو خشية ذلك قد يؤديان إلى الحرب، نظرا للطبيعة العسكرية لنظامها الحاكم. 

لذا فالعبرة في مثل هذه الحالات هي كيف تحرص على الضغط دون إفراط، ودون أن تدفع إلى الكارثة؟ 

لا وجود لإجابات سهلة. لقد جاء دور الرئيس أوباما.

0 comments:

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية

About this blog

Blog Archive

flag counter

free counters

feeds